توقفنا وأياكم فى الحلقه الماضيه عند توقيع عبد الناصر على قرار تعيين صلاح نصر نائبا لجهاز المخابرات العامه بناءاً على ترشيح عبد الحكيم عامر وقلتلك على بعض الأحداث والمواقف خليها معاك وطبعا سنتناول أحداث مخابراتيه كثيره فى الحلقات القادمه عاوزك تتعلم منها كيف يدار هذا العالم الغامض وكيف تدير معركه بدون صوت وبدون ضجيج لأن أغلب معارك أجهزة المخابرات هى التى تتم بدون صوت والتاريخ للتعلم والتدبر والموعظه
كان المفروض بعد قرار التعيين الصادر لصلاح نصر زى ماقلت لحضرتك يقلع بدلته العسكريه كمدير لمكتب عبد الحكيم عامر ويلبس ملابس مدنيه ويودع الحياه العسكريه وعاوزك تلقط من هنا أن مفيش منصب فى المخابرات أسمه ظابط مخابرات عامه أى نعم المنصب موجود فى المخابرات العسكريه لكن غير موجود بالمخابرات العامه ووضحنا النقطه دى فى سلسلة مقالات اللامعقول فى عالم العقول وقلنا أن التسميه هى تسميه شعبيه لاأساس لها فى الواقع وترجع التسميه الشعبيه لأن أغلب من تولوا رئاسة الجهاز ذو خلفيات عسكريه وعلشان أثبت لك كنت قلتلك عمر سليمان دخل جهاز المخابرات كنائب لرئيس الجهاز وهو على رتبة لواء وترقى لرئيس جهاز وترك الجهاز بعد سنوات خدمه طويله ولم يترقى لرتبه عسكريه بعد رتبة لواء وده أكبر دليل أن العاملين فى هذا الجهاز ناس مدنيين وليسوا ظباط ويطلق عليه لقب رجل مخابرات
بعد قرار التعيين وأثناء أستعداد صلاح نصر لتسليم متعلقاته كمدير لمكتب عبد الحكيم عامر قامت حرب بورسعيد والعدوان الثلاثى على مصر فسلم صلاح نصر للقياده العامه للقوات الحربيه المصريه برتبه وقتها كبكباشى وتم أرساله برتبته بكباشى لمدينة الأسماعيليه بعد عمليات أنزال قوات المظلات الفرنسيه وبدأ تحركها ناحية الأسماعيليه ومش عاوزين نخوض فى تفاصيل الحرب لأنها بعيده عن موضوعنا ونخلينا فى موضوعنا ونبطل رغى ومنفتحشى مواضيع جانبيه
أنتهت الحرب وصلاح نصر بيقول فى مزكراته ظننت أن عامر نسى موضوع المخابرات وعدت لمكتبى فى وزارة الحربيه لكن فوجئت أن عبدالحكيم عامر قاله أتفضل أستلم عملك الجديد ونفذ قرار رئيس الجمهوريه وأستلم صلاح نصر عمله فعلا وهو لايعلم عن عالم المخابرات سوى معلومات عاديه لاتؤهله لرئاسة الجهاز وبيقول الراجل محبتشى أون موظف إدارى فقط لكن حبيت أتعامل مع الجهاز كمحترف من محترفيه فكان عليا القراءه والدراسه جيدا فى هذا العالم الغامض وقررت أن تكون لى بصمه فى الجهاز الذى يتولى حماية مصر
ذهب صلاح نصر لجهاز المخابرات العامه اللى كان موجود وقتها فى شارع محمد سعيد بجوار شارع القصر العينى ولاحظ أن الجهاز عدد أفراده قليل جدا بالنسبه للعمل المنوط بهم وأنعدام التنسيق بين قطاعات الجهاز وذهب للمكتبه الخاصه بالمخابرات التى أنشأها محيى الدين لكن وجدها عباره عن قصص مخابراتيه عاديه لاتودى ولا تجيب وكلها كتب غربيه وصلاح نصر كان عنده فوبيا من كل ماهو أمريكى وغربى
بدأ صلاح نصر زى ماوضحتلك فى مقال رقم 1 من سلسلة مقالات اللامعقول فى عالم العقول يدرس نظم المخابرات العالميه فوجد أنعدام تنسيق زى موضحتلك فى المقال فى المخابرات العامه رغم إحترافية الجهاز ووجد التنسيق عالى جدا فى المخابرات الأيطاليه لأنها فرع واحد فقط عكس النظام الأمريكى اللى وضحته فى المقال فقرر صلاح نصر يجمع بين النظامين وهو نظام مشابه لنظام الكناريس وهى المخابرات الألمانيه ومقارب نسبيا للنظام الأمريكى وبعيدا عن النظام الأسرائيلى
ركز صلاح نصر فى تعليم نفسه وبلور فكره عن نظام المخابرات اللى ينوى تنظيمه فى مصر بعد مايتولى رئاسة الجهاز لأنه زى ماقلتلك كان نائب لرئيس الجهاز وفعلا فى مايو 1957 تم تعيين نصر رئيساً للجهاز وبدأ من التاريخ ده يبلور فكرته ويحولها لواقع ملموس
درس صلاح نصر الحرب المخابراتيه الدائره بين الأمريكان والسوفيت ليتعلم ويتدبر منها ولفت نظره إعتماد الأمريكان على مبدأ الرشاوى وتخريب المنشآت العامه وإستغلال الأعلام الغربى كله فى خلق رأى عام أكاذيب حول السوفييت وخلق أشاعات لدرجة أن العالم كله صدق أكاذيب الأمريكان أن الأتحاد السوفيتى دوله ملحده وأن الماركسييه هى من لادين له ومحدش أفتكر أن الأتحاد السوفيتى دينه الرسمى الأول هو المسيحيه والديانه الثانيه هى الأسلام وكانت الناس بتبص للسوفيتى على أنه ملحد وكافر ولادين له بفضل الحمله الأمريكيه الموجهه عن طريق الأعلام ودى بيكون لها تأثير نفسى سئ على الشعوب اللى لها تعاملات مع الأتحاد السوفيتى ويقولك بص شوف عبد الناصر بيتعامل مع الكفره والملحدين علشان يحول بلد الأزهر الشريف لدوله كافره فيزيد سخط الشعب المتدين على حاكمه (( خلى بالك معايا الأمريكان لازالوا شغالين على النظام ده لحد دلوقتى وبيستعملوه فى تشويه عبدالفتاح السيسى ... مره يقولك أمه يهوديه ومره يقولك عميل أمريكى لزعزة ثقة المتدينين فى الحاكم )) ولاحظ صلاح نصر أن رغم التناغم بين الموساد والسى آى إيه أنهم بيتجسسوا على بعض وزارعين جواسيس لبعضهم علشان بس الجماعه العاطفيين
لاحظ صلاح نصر أن المخابرات الأسرائيليه متوغله بعملائها فى كل ربوع الوطن العربى نتيجة ترحيب بعض الدول العربيه بوجود يهود بها وجاليات أخرى متوطنه لديهم وأن أسرائيل أستطاعت تجنيد فلسطنيين بأعداد رهيبه وزرعتهم فى الدول العربيه كلاجئين مستغله التسهيلات التى منحت للفلسطنيين كلاجئين ففكر فى زرع عملاء داخل أسرائيل على أنهم يهود وكان رفعت الجمال واحد من ضمن عشرات تم زرعهم فى أسرائيل لكن النظام ده محتاج يامعلمى ناس مخابراتيين عندهم خبره يدربوا الجواسيس اللى حيتم زراعتهم عند عدونا الأول التقليدى ومحتاج فلوس كتيره يعنى محتاج رجال مخابرات على خبره عاليه لتدريب الجواسيس ومحتاج لنفقات عاليه
سهل أنك توفر معدات التدريب وسهل أنك تجند العملاء وسهل أنك تدبر الموارد لكن صعب أن يكون عندك أفراد المخابرات المدربين الخبراء الللى حيقوموا بالعمل فى الجهاز
هنا صلاح نصر محتاج يدرب أفراد الجهاز لكن لو أرسلهم للخارج للتدريب والدورات وأكتساب الخبرات حيتحرقوا وينكشفوا حتى لو تم التعتيم على سفرهم وتدريبهم على الأقل الأجهزه اللى دربتهم عرفتهم فكانت الفكره أنه يرسل كبار رجال المخابرات المعروفين أو المحروقين للتدريب فى الخارج ولما يرجعوا يبقوا يعلموا الباقى رغم أن الحكايه دى حتاخد وقت طويل لكنها مأمونه وفعلا أرسل صلاح نصر من كل قسم رجلين فقط أما الأقسام الأداريه مثل فك الشفرات والتتبع المكتبى فأرسل ثلاث رجال وبدأ صلاح نصر يعمل علاقات مع رؤساء أجهزة المخابرات العالميه اللى ساعدوه فى توريد الأجهزه المخابراتيه والمعدات اللازمه وتسهيل تدريب البعثات المصريه صغيرة العدد اللى أرسلهم للتدريب
أدرك صلاح نصر أن عالم التكنولوجيا هام وحيوى لعمل رجال المخابرات فكان حريصا على أستيراد أحدث الأجهزه مما أفزع جهاز الموساد زى أجهزة التصنت الحديثه وأجهزة التصوير والميكروفيلم وأجهزة التتبع وأكتشاف مكان الترددات وتحديدها بدقه
بدأ صلاح نصر يعمل تنسيق مع جهاز الشرطه وتحديدا المباحث العامه علشان يسهل تتبع العناصر المزروعه داخل مصر
بدأ صلاح نصر يستعين بكبار رجال الصحافه المحترفين فى تدريب رجاله على عملية تدوين المعلومات وتبويبها وتنسيقها والتحليل والربط وكتابة التقارير بدون أرهاق كثرة القراءه (( التلخيص المبسط زى مابتعمل الأستاذه خديجه حسين فى فريقى بالظبط فهى تجيد تلخيص أكبر مقال فى أربع أو خمس سطور )) وكان أيضا لازم يدرب رجاله على تجميع أى معلومه ممكن يحتاجها صانع القرار فى أى وقت حتى لو مش محتاجينها دلوقتى يعنى لازم يكون جهاز المخابرات عباره عن موسوعه معلوماتيه اللى يحتاجه صانع القرار يلاقيه وخصوصا فى الملفات الخارجيه
كان صلاح نصر أول من أبتدع نظام المعلومات المتاحه الخفيه المخزونه لتكون امام صانع القرار الياسى فى أى وقت ومش شرط يطلبها لكن لما يحتاجها يلاقيها فورا مش لسه حجمعها والوقت ممكن يكون عامل حاسم فى أتخاذ القرار والفكره دى يلزمها أعداد رهيبه من العملاء فى كل أنحاء العالم علشان نعرف دبة النمله ويرجع الفضل عالميا لصلاح نصر فى أرساء هذه المدرسه
أنا شايف أن كفايه كده النهارده على وعد بلقاء متى شاء الله
جنرال بهاء الشامى